{وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ . وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام:26،25].


ثلة من السفهاء استعملهم إبليس لعنه الله وغرهم وزين لهم سفاهتهم وأغراهم بكتاب الله ممنياً نفسه وإياهم بكيد المؤمنين وإغاظة المسلمين في شتى بقاع الأرض، ووالله ما انتقص كتاب الله من فعلهم آية، ولن تهتز قلوب المؤمنين بسبب سفاهتهم، بل سيعود مكرهم عليهم - إن شاء الله - بزيادة اهتمام الأمة الإسلامية بكتاب ربها علماً وعملاً، تلاوة وحفظاً.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36].


فيا شباب الإسلام اعلموا أن أبلغ رد على هؤلاء الحاقدين أن ينتقل القرآن من الأوراق إلى الصدور وساعتها لن يفلح حرق نسخة من كتاب الله إلا بمحاولة حرق مسلم مؤمن وهيهات هيهات، إنهم أجبن من أن يمسوا هيبة المتمسك بإيمانه المستعلي بدينه أو حتى يحاولوا لها اقتراباً.
وقد شاهدنا شباب الإسلام يهز أوربا بأسرها في البوسنة والشيشان، لما هبوا لنصرة إخوانهم حمية لدينهم ولأعراضهم.
فالحمية الحمية لكتاب الله، حفظاً وتعلماً وعملاً بما فيه، ونشراً لتراجم معانيه، بكل لغات العالم وبجميع ألسنة شعوب الأرض.


إن الرد الأبلغ على إهانة الكفار المتلاحقة وأحقادهم المستمرة لشعائر الإسلام ولنبي الإسلام ولكتاب المسلمين هو أن يرتفع المسلمون بدينهم ويحملوا أمانة ربهم إلى العالم، فقد بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبعث معه الأمة كلها، وقد خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بقوله: «فإنما بعثتم ميسرين»، والحادثة معروفة وهي ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : «دعوه وهَرِيقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» [متفق عليه].


وأما مسئولية الرد على هؤلاء السفهاء فعلى ولاة أمور المسلمين أن يقفوا لله وقفة وأن يخاطبوا الدول التي تنتهك فيها حرمات الإسلام وإن لم تتوقف تلك الإهانات فعليهم أن يقاطعوا تلك الدول اقتصادياً (وإن كنت أرى أن هذا من أبعد التصورات في ظل الأوضاع الراهنة لولاة أمور المسلمين إلا من رحم الله).
وفي حالة عدم تحرك ولاة الأمور فعلى الشعوب أن تقاطع تلك الدول المستهترة بعقائد المسلمين المتبجحة بإظهار العداء، وعلى شباب الإسلام جميعاً إن أرادوا نصرة كتاب ربهم أن يحملوا هم تقدم الأمة واستغنائها عن مد اليد لسؤال تلك الدول.
إن توفير البدائل الإسلامية رد رادع يحقق للأمة الاكتفاء وينجح المقاطعات الاقتصادية لمنتجات الأعداء ويؤدب كل من تسول له نفسه الاستهانة بعقائد المسلمين ومقدساتهم.


إن الرد الأبلغ بمعناه الأشمل هو النهوض بالأمة من خلال كتابها العظيم اتباعاً وعلماً وخلقاً وعملاً وتقدماً.
الرد الأبلغ على هذه الإهانات هو صناعة نهضة الأمة من جديد.
الرد الأبلغ على هذه الإهانات هو الخروج بالأمة الإسلامية من مأزق التخلف الحضاري الناتج عن تواكلها وفقدها مقومات التقدم المنبثقة من كتابها وعقيدتها بعدما ارتضت بأن يؤمها قانون الغرب وزبالة أفكاره وتركت شريعة ربها التي لو طبقتها لسادت العالم.
الرد الأبلغ على هذه الإهانات بمطالبة الحكام بالعودة بالأمة إلى تطبيق شريعتها الغراء ومصالحة الحكام لكتاب ربهم.
المسئولية كبيرة والأمة تحتاج لمن يقوم بحمل همها وحمل رايتها بصدق، والله المستعان.


أبو الهيثم محمد درويش